فصل: وفاة المنتصر وبيعة المستعين.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.دولة المنتصر.

ولما بويع المنتصر كما ذكرناه ولى المظالم أبا عمر وأحمد بن سعيد وعلى دمشق عيسى بن محمد النوشري وكان على وزارته أحمد بن الخصيب واستقامت أموره وتفاوض وصيف وبغا وأحمد بن الخطيب في شأن المعتز والمؤيد لما توقعوا من سطوتهما بسبب قتل المتوكل فحملوا المنتصر على خلعهما الأربعين يوما من خلافته وبعث إليهما بذلك فأجاب المؤيد وامتنع المعتز فأغلظوا عليه وأوهموه القتل فخلا به المؤيد وتلطف به حتى أجاب وخلع نفسه وكتبا ذلك بخطهما ثم دخلا على المنتصر فأجلسهما واعتذر لهما بسمع من الأمراء بأنهم الذين حملوه على خلعهما فأجبتهم إلى ذلك خشية عليكما منهم فقبلا يده وشكرا له وشهد عليهما القضاة وبنو هاشم والقواد ووجوه الناس وكتب بذلك المنتصر إلى الآفاق وإلى محمد بن طاهر ببغداد ثم إن أحمد بن الخصيب أخا المنتصر أمر بإخراج وصيف للصائفة وإبعاده عن الدولة لما بينهما من الشحناء فأحضر المنتصر وقال له: قد أتانا من طاغية الروم أنه أفسد الثغر فلا بد من مسيرك أو مسيري فقال بل أنا أشخص يا أمير المؤمنين! فأمر أحمد بن الخصيب أن يجهزه ويزيح علل العسكر معه وأمره أن يوافي ثغر ملطية فسارو على مقدمته مزاحم بن خاقان أخو الفتح وعلى نفقات العساكر والمغانم والمقاسم أبو الوليد القروالي أن أن يأتيه رأيه.

.وفاة المنتصر وبيعة المستعين.

ثم أصابت المنتصر علة الذبحة فهلك لخمس بقين من ربيع الأول من سنة ثمان وأربعين ومائتين لستة أشهر من ولايته وقيل بل أكثر من ذلك فجعل السم في مشرطة الطبيب فاجتمع الموالي في القصر وفيهم بغا الصغير وبغا الكبير وأتامش وغيرهم فاستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة والأشروسية على الرضا بمن يرضونه لهم ثم خلصوا للمشورة ومعهم أحمد بن الخصيب فعدلوا عن ولد المتوكل خوفا منهم ونظروا في ولد المعتصم فبايعوه واستكتب أحمد بن الخصيب واستوزر أتامش وغدا على دار العامة في زي الخلافة وإبراهيم بن إسحق يحمل بين يديه الحربة وصفت الممالك والأشروسية صفين بترتيب دواجن وحضر أصحاب المراتب من العباسيين والطالبيين وثار جماعة من الجند وقصدوا الدار يذكرون أنهم من أصحاب محمد بن عبد الله بن طاهر والغوغاء فشهروا السلاح وهتفوا باسم المعتز وشدوا على أصحاب دواجن فتضعضعوا ثم جاءت المبيضة والشاكرية وحمل عليهم المغاربةو الأشروسية فنشبت الحرب وانتهبت الدروع والسلاح من الخزائن بدار العامة وجاء بغا الصغير فدفعهم عنها وقتل منهم عدة وفتقت السجون وتمت بيعة الأتراك للمستعين ووضع العطاء على البيعة وبعث إلى محمد بن عبد الله بن طاهر فبايع له هو والناس ببغداد ثم جاء الخبر بوفاة طاهر بن عبد الله بن طاهر بخراسان وهلك عمه الحسين بن طاهر بمرو فعقد المستعين لابنه محمد بن طاهر مكانه وعقد لمحمد بن عبد الله بن طاهر على خراسان سنة ثمان وأربعين ومائتين وولى عمه طلحة على نيسابور وابنه منصور بن طلحة على مرو وسرخس وخوارزم وعمه الحسين بن عبد الله على هراة وأعمالها وعمه سليمان بن عبد الله على طبرستان والعباس ابن عمه على الجوزجان والطالقان ومات بغا الكبير فولى ابنه موسى على أعماله كلها وبعث أناجور من قواد الترك إلى العمرط الثعلبي فقتله واستأذنه عبد الله بن يحيى بن خان في الحج فأذن له ثم بعث خلفه من نفاه إلى برقة وحبس المعتز والمؤيد في حجره بالجوسق بعد أن أراد قواد الأتراك قتلهما فمنعهم أحمد بن الخصيب من ذلك ثم قبض على أحمد بن الخصيب فاستصفى ماله ومال ولده ونفاه إلى قرطيش واستوزر أتامش وعقد له على مصر والمغرب وعقد لبغا الصغير على حلوان وما سيدان ومهرجا تعرف وجعل شاهك الخادم على داره وكراعه وحرمه وخاصة أموره رخادمه وأشناس على جميع الناس وعزل علي بن يحيى الأرمني عن الثغور الشامية وعقد له على أرمينية وأذربيجان وكان على حمص كندر فوثب به أهلها فأخرجوه فبعث المستعن الفضل بن قارن وهو أخو مازيار فاستباحهم وحمل أعيانهم إلى سامرا وبعث المستعين إلى وصيف وهو بالثغر الشامي بأن يغزو بالصائفة فدخل بلاد الروم وافتتح حصن قرورية ثم غزا بالصائفة سنة تسع وأربعين جعفر بن دينار وافتتح مطامير واستأذنه عمر بن عبد الله الأقطع في تدويخ بلاد الروم فأذن له دخل في جماعة من أهل ملطية ولقي ملك الروم فخرج الأسقف في خمسين ألفا أحاطوا به وقتل عمر في ألفين من المسلمين وكان على الثغور الجزرية فأغار عليها الروم وبلغ ذلك علي بن يحيى وهو قابل من أرمينية إلى ميافارقين ومعه جماعة من أهلها فنفر إليهم وهو في نحو أربعمائة فقتلوا وقتل.